المفاوضات والأسرى: الحديث والحدث
كان الحدث الأبرز الموازي لمحادثات إعادة إطلاق العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في الأسابيع الأخيرة، أثناء زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى واشنطن، والرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة، هو إضراب نحو ألف أسير فلسطيني عن الطعام، لنحو 42 يوما. والواقع أنّ اشتراط إطلاق سراح أسرى قبل أن تبدأ أي مفاوضات، إذا كانت ستبدأ، لا يتعلق بالأسرى فقط، بل بجدوى وجدية المفاوضات أيضاً.
إذا انطلقت المفاوضات دون تقدم حقيقي في موضوعي الأسرى والاستيطان، فستكون المفاوضات، كما هي منذ نحو 20 عاما، مجرد حديث عابر بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين، بينما يراكم الإسرائيليون أمرا واقعا جديدا يومياً.
لقد كان من الأخطاء التفاوضية، توقيع اتفاقيات انتقالية العام 1993 دون إطلاق كل الأسرى الذين أسروا قبل التوقيع. وما تزال دفعة من هؤلاء أسرى حتى اليوم، واعترف الإسرائيليون من حيث المبدأ بضرورة إطلاقهم، وبالفعل أطلق جزء منهم في سياق المفاوضات العام 2013، في إقرار إسرائيلي بمبدأ إطلاقهم، ولكن توقف إطلاق البقية.
أضف لذلك كانت انتفاضة الأقصى العام 2000 نوعا من الحرب والمواجهة التي يدفع الفلسطينيون ثمنها بشكل باهظ، وأهم الأثمان، موافقة القيادة الفلسطينية على العودة لتطبيق التزامات الفلسطينيين التي رتبتها عليهم الاتفاقيات، دون أن يفعل الإسرائيليون ذلك. وهذه العودة، من طرف واحد، تعكس شعوراً لدى القيادة الفلسطينية بأنّ هناك هزيمة نتيجة للانتفاضة، وأنّ الفلسطينيين أخطأوا أثناء الانتفاضة، بغض النظر عن أن الإسرائيليين هم الذين دفعوا الأمور لتصبح انتفاضة عسكريّة. وكان المنطق، السائد لدى القيادة، وحتى القوى الدولية، أن التعاون و"ضبط" الأمن وسوى ذلك سيؤدي إلى العودة لعملية التسوية، ولكن هذا لا يحدث. وعندما يوافق الإسرائيليون على التفاوض، فهم يريدون العودة إلى "الحديث" من النقطة صفر، وليس على أساس الالتزام بما تمليه عليهم الاتفاقات السابقة والبدء من عندها.
يعاني الأسرى داخل السجون نفسها من أنّ غالبية الاتفاقيات التي تلي الإضرابات عن الطعام تكون شفوية، وكثيراً ما يتراجع عنها الإسرائيليون، ومن أمثلة ذلك أنّ أسرى قاموا بإضرابات فردية أسطورية عن الطعام، وقيل إنهم توصلوا لاتفاقات بمطالبهم مع الاحتلال، مثل سامر العيساوي ومحمد القيق، هما في السجن ثانيةً الآن، ثم إنّ جزءا كبيرا من الأسرى الذين أفرج عنهم في عملية تبادل "وفاء الأحرار"، هم في المعتقل الآن.
من هنا فإنّ اشتراط وطلب القيادة الفلسطينية الإيفاء بالالتزامات إزاء الأسرى، وتصحيح الأخطاء السابقة بشأنهم، وشن حملة دولية، والطلب من الدول الوسيطة في صفقات تبادل سابقة، خصوصاً مصر وألمانيا، الطلب من الإسرائيليين تنفيذ الاتفاقيات، ليس مهماً فقط لقطع الطريق على الحملات الإسرائيلية بشأن دفع مساعدات ومستحقات للأسرى وعائلاتهم، وليس مهماً فقط لأن الأسرى قضية اجتماعية سياسية وشعبية وإنسانية متفجرة، بل أيضاً لأنه دون التزام الإسرائيليين باتفاقيات والتزامات تتعلق بالأسرى فإن هذا يعني أن مبدأ تهرب الإسرائيليين من الاتفاقيات سيستمر، وأن منطق التفاوض ذاته لا معنى له. إضافة لذلك، فإنّ تصعيد ملف الأسرى، مهم لأنه يعني تماسكا في الخطاب الفلسطيني بخصوص الحقوق الوطنية الفلسطينية، وإعلان موقف واضح أنّ الأسرى والشهداء جزء من الشخصية الوطنية الفلسطينية، وجزء من إعلان الحق بالنضال وبالوطن، ولعل تسمية كريم يونس، عضواً في اللجنة المركزية لحركة "فتح" خطوة في الاتجاه الصحيح.
تحاول هيئات دولية بقيت صامتة، وشبه صامتة، أثناء إضراب الأسرى عن الطعام، رغم مخالفات الإسرائيليين للقانون الدولي، أن تسوّق وتتساوق مع المطالب الإسرائيلية بوضع قيود على التكافل مع الأسرى، وتنكر على الفلسطينيين حقهم الاحتفاء بأبطالهم، من مثل قرار الأمم المتحدة وحكومة النرويج قبل أيام وقف دعم مركز اجتماعي في نابلس، لأنه سُمي باسم "دلال المغربي" الفدائية الفلسطينية الشهيدة العام 1978. ومثل هذا المنطق يحتاج وقفة جادة.
الأسرى حدث شعبي متفجر دائماً، وأي تراخٍ بشأنه في المفاوضات، يضر منطق التفاوض ذاته لأنه يحول المفاوضات لمجرد حديث عابر لا يجري الالتزام بنتائجه. والأسرى كما الشهداء، هم في صلب خطاب الحق الفلسطيني، وأي تراخٍ في تمجيد قضيتهم هو ضعف في الشخصية الوطنية الفلسطينية.
الارشيف
- 2020
- 2019
- 2018
- 2017
- يكفينا مناهضة للصهيونية وترامب
- يافا وكوبر تتكاثفان باتجاه الانتفاضة؟
- ولادة باسل المبكرة
- وعود إسرائيلية بهزيمة المقاطعة
- واشنطن بعد الابتعاد عن حافة الهاوية
- هل يمكن "لبرلة" الثورة؟
- هل يغير "قرار المستوطنات" العالم؟
- نظرية ترامب المزعومة "الواقعية المسؤولة"
- نظام ترامب الاقتصادي يبدأ من منع الطلبة الأجانب
- نتنياهو والعرب
- موقف القيادة الفلسطينية من إضراب الأسرى
- منع جبريل الرجوب من دخول مصر
- منظمة التحرير وصناعة المرجعية
- مكتب منظمة التحرير..."عقوبات وقائية"
- مكاسب وعثرات مؤتمر باريس للسلام
- مقال مروان وخطاب لندا يزعجانهم
- مصير عباس أم ترامب أم النظام الدولي؟
- مصر والمصالحة الفلسطينية
- مسودة بيان ترامب الملغى حول الاستيطان
- مستقبل المقاومة بعد المصالحة الفلسطينية
- مزاعم الزيارات الخليجية للإسرائيليين
- محبو بوتين في البيت الأبيض
- مجموعة العشرين دون مجموعات
- مايك بينس .. الراعي الأول للأصولية
- ماذا يحدث بين اليهود واليهود؟
- ما هو أصعب من سلاح المقاومة
- ما بعد واقعية السنوار
- ما بعد "مؤتمر فلسطينيي الخارج"
- ليست قضية مخصصات أسرى وشهداء
- لو كان ترامب عربيا؟
- لماذا يضيعون فرصة غزة؟
- لماذا لم تكرر الخليل نهج القدس؟
- كيف اتخذت قرارات غزة
- كردستان والدور الإسرائيلي والدول العربية
- كردستان واسكتلندا
- قيادة فلسطينية "جديدة" بناخبين قدامى
- قرار ضم إسرائيلي من دون رد
- قراءة في استراتيجية ترامب الشرق أوسطية
- في بلعين.. هل تعود الصقور؟
- فلسطينيات.. الطنطورة
- فشل زيارة ترامب والاستعمار الروسي الإيراني
- غزة ومعابرها في زيارة السعودية
- عودة تفاهم الأسد مع الأميركيين؟
- عندما يقول الفلسطينيون إنهم لا يستطيعون التوحد
- عندما تفشل الدبلوماسية والمقاومة الشعبية
- عقل ترامب: الفحم والطبيب
- عشرات الدول تعترف بالقدس عاصمة لفلسطين؟
- عدم الحماسة الإسرائيلية لمسألة نقل السفارة
- عباس والسيسي.. مؤتمرات تركيا ودحلان
- عادل عبدالكريم.. كان من العُقّال
- صلات ترامب الإسرائيلية العائلية والشخصية
- شتم "أوسلو"
- سيناريوهان فلسطينيان في زيارة ترامب
- سيناريو ثالث لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني
- سياسة ترامب العربية تتشكل
- رسائل نقل السفارة
- دولة في "التعاون الإسلامي" بوابة للإسرائيليين
- درس من القدس (1991 - 1993)
- دخول "لودر" في الملف الفلسطيني
- دحلان- حماس .. المفتاح والشناكل
- داعش والجواسيس و"أبو نعيم"
- داعش والجاسوس في غزة
- خلية عمل أردنية فلسطينية
- خطط كوشنير الإسرائيلية الجديدة
- خطة ترامب: تجزئة مبادرة السلام العربية؟
- خطاب "الممانعة" إذا انتصرت
- حقيقة وثيقة حماس
- حديث على رصيف في رام الله
- حتى لا يصبح نقل السفارة أمنية
- ثنائية إيران وإسرائيل الزائفة
- ثلاث مراحل للسراب "الحمساوي"
- ثلاث مراحل لفهم المشهد الخليجي
- ثلاث محطات ترسم المسار الفلسطيني؟
- تكتيكات المصالحة الفلسطينية ونواقصها
- تقرير "الإسكوا": برنامج عمل من ثلاث نقاط
- تركيا من "تصفير" المشاكل إلى التنقيب عنها
- ترامب: المسألة الفلسطينية الاسرائيلية "مشكلة القرن"
- ترامب: "الغش" والروس وأربع جبهات
- ترامب ومهلة الساعة لروسيا
- ترامب وروسيا وملكة جمال العالم
- ترامب والصين و"أجنحة الدجاج"
- ترامب والتأمين الصحي
- ترامب وإيران والحرب العالمية الثالثة
- ترامب الفلسطيني؟
- تحويل غزة إلى أنموذج
- تحولات المقاومة الفلسطينية (2015 - 2017)
- تحالفات تجارية دولية متتالية ضد واشنطن؟
- تبعات ارتدادية لأربع هزات خليجية
- تأجيل الأيدولوجيا واستعجال الدولة
- بين "النازية" و"الناتزية"
- بمناسبة وثيقة "حماس" الجديدة
- بلفور .. وحكاية "القاعدة الثقافية"
- بعد حديث مشعل عن جرأة ترامب
- بعد أن تخلى لنتنياهو عن غرفته وسريره؟
- الوفد الأميركي.. التتابع والتوازي وبيت إيل
- الوجوه الأخرى لتفجير خان يونس
- الهدف الأميركي الجديد مع الفلسطينيين
- الميل الدائم للتهدئة
- المقدسيّون يقدمون الضلع الأول
- المقاومة والسلطة\ المقاومة والمعارضة
- المفاوضات والأسرى: الحديث والحدث
- المفاوضات الأميركية مع "حماس"
- المعارضة تحت الاحتلال
- المصالحة و"صفقة القرن"
- المصالحة الفلسطينية.. انتصار فكرة الدولة؟
- المصالحة الفلسطينية و"تهاوي قيمة الخدمة"
- المستوطنات من المنديل إلى الكعب العالي
- القيادة الفلسطينية.. من هي؟ والمؤامرة عليها؟
- القمة الأميركية العربية – الإسلامية
- القطب الإقليمي وتراجع القوة الناعمة
- الفلسطينيون: الديمقراطية التوافقية والرعوية التنظيمية
- الفلسطينيون وترامب: "ألف مبروك"
- العرب وفلسطين "عدم الخروج عن النص"
- الصحة العقلية لترامب
- الشهيد و"الفلتان السياسي"
- الرد على العرض الإسرائيلي
- الدّحية الحربية والعومحلية الثوريّة
- الجديد في اعتقال جهاد بركات؟
- التذرع بـ"حماس" لتعطيل المنظمة
- الإسرائيليون وإعادة تعريف السيادة
- الأسرى: التناقضات والرسمي والميداني
- الأسرى وماكنة الاحتراق الفصائلية
- الأسرى كسبوا موقعة "نيويورك تايمز"
- الأردن في تصورات ترامب الفلسطينية
- الأربعاء 20 أيلول / سبتمبر 2017
- استقالة الحريري واحتمالات الحرب
- استحضار "كينان" لمحو الفلسطينيين وحزب الله
- اتفاق السنوار ودحلان؟
- إضرابان عن الطعام بينهما 79 عاما
- أين ذهبت "المبادرة" الفرنسية؟
- أول رئيس وزراء هندي يزور الإسرائيليين
- أمين عام الأمم المتحدة والهيكل
- أمن واحد في غزة.. والضفة؟
- ألمانيا: بقايا الأيديولوجيا و"سياسة الهوية"
- أكذوبة نظرية التغيير الثوري!
- أزمة "حماس" في المسألة القطرية
- أربع رسائل في إضراب الأسرى
- أخبار القضية الفلسطينية "السارة" في القمة
- 17 نيسان والمواجهة من النقطة صفر
- "ملك إسرائيل" وخطة "بلاد فارس"
- "فتح" والمنظمة ومؤتمر فلسطينيي الخارج
- "عملية الأقصى": ليست أم الفحم فقط
- "شعبويات" إسرائيلية عالمية تواجه المؤسسة
- "حماس" خارج الأزمة الخليجية
- "حروب الدولة"
- "حب الكذب" وحقيقة إسرائيلية في أوروبا
- "جماعة" حماس ومجموعة دحلان وقرارات الرئيس
- "انتفاضة" من "البانتوستان"
- "المكابيون الجدد" يحتلون أميركا
- "اللسان الطويل" والمؤامرات الكثيرة
- "القسّام".. حكم دون واجبات
- "الحية والسلم" الفلسطينية الإسرائيلية الأميركية
- "الترامبية" ومائة عام من التنظير
- 2016
- 2015
- 2014
- 2013
- 2012
- 2011
- 2010
- 2009
- 2008
- 2007
- 2006